كتبت كندة بركة، والدة شابة مصابة بطيف التوحد:
مدهشةٌ كقوسَ قزحٍ بعد مطر غزير ..
غريبةٌ كفرخ ِالبطِّ القبيحِ في تلك الحكاية ..
هي لؤلؤتي وأنا المحارةُ الأمُّ، أضيف لها من عُصارةِ الروحِ في كلّ عامٍ طبقةً جديدةً تزدادُ تألقاً ونزداد أملاً وإيماناً.
أحملُ همهَّا الثقيلَ على كتفي كما يحمل سيزيفُ صخرتَه.
أحملُها بحبٍّ وشجاعةٍ وأدعو الله كلّ يومٍ أن أكونَ جديرةً بها.
أدفعُها باتجاه القمةِ تواجهُنا العواصفُ ووعورةُ الطريقِ، ونظراتٌ تطعنُ صبرَنا في الصميم.
نقعُ .. ننهارُ .. ونستجمعُ قِوانا ونبدأُ من جديد ..
نحن أهلُ الأطفالِ من ذوي التحدياتِ عموماً، ومن ذوي التوحدِ خصوصاً، نعيشُ تداعياتِ الأزمةِ وكلَّ ما نجمَ عنها من نقصٍ في المواردِ وهجرةٍ للكوادرِ والخبرات، نحاولُ تأهيلَ أطفالِنا بأقلّ الإمكانات.
عالقون هنا بين أزمتين: أزمةِ بلدٍ وأزمةِ ولد. نبحث عن مكانٍ لائقٍ لأطفالنا، مكانٍ آمنٍ نفسياً، مكانٍ يجعل أرواحَنا تهدأُ من خوفِ الغدِ وقلقِهِ وغُموضه ..
نحتاجُ مجتمعاً معافىً يدعمُ أولادَنا ويتقبلُ اختلافَهم، يحتويهم دونَ إجحافٍ أو مزاودةٍ فلا نشعرُ وإياهم وكأننا من كوكبٍ آخر ..
لا نحتاجُ ليومٍ عالمي حتى يتذكرَنا العالمُ، لا نحتاجُ فعالياتٍ واحتفالاتٍ، تُحضروننا وأطفالَنا إليها ثم نُنسى بقيةَ العام.
ربما نحتاجُ كلماتٍ واعيةً وصادقةً، فكما للكلمةِ سحرُها اللغويُّ حين تكون في مكانِها المناسبِ كذلكَ لها سحرُها وطاقتُها الشافية.
نحتاج لغةً تدعمُ قضيّتَهم وتحترمُ خصوصيّتَهم وتراعي إنسانيّتَهم، نحتاجُ أن تفكروا معنا لعلّنا نتعافى جميعاً.
أجل يعاني أطفالُنا من اضطرابٍ في التواصلِ والسلوكِ، لكنهم يحملونَ أجملَ القلوبِ وأكثرَها نقاءً، إنهم بحقٍّ ملائكةُ الأرض.
أما أنتِ يا أُحجيتي..
لا أدري من منا تأخذُ بيد الأخرى.. بفضلكِ تعلمتُ أن أدافع عن حقي في التعبيرِ وحقِّكِ في الاختلاف، بفضلكِ أنتِ أصبحتُ الصوتَ لمن لا صوتَ لهم.
وما زلت أختصرُ الأمنيةَ في أغنيةٍ لعلها تتحققُ قريباً ..
“بس حكيني خليني أسمع صوتك يانور عيني ويا دمعي وشمع سنيني
صمتك لو طال بفقد رشدي ويقيني .. بس احكيني”.
تُنشر هذه المادة بدعم من “صوت سوري” ضمن مشروع “نساء حول الإعاقة”، بالتعاون بين منصة #عكازة وجمعية همزة وصل.