قدمت منظمة الصحة العالمية ثلاث تعريفات مختلفة لوصف حالة الأشخاص المعوقين:
التعريف الأول: “Impairment” ويمكن ترجمتها بمفردة “الاعتلال” وتشير إلى الإصابة أو المرض نفسه، أي الخلل في إحدى وظائف الجسم أو العقل، مثل القدم المبتورة، الصمم، الضعف البصري، التوحد … ويشترط أن تكون هذه العلة ممتدة لفترة طويلة وليست مؤقتة.
التعريف الثاني: “Disability” وترجمتها “العجز” وتشير إلى نقص القدرة على أداء الأنشطة الاعتيادية اليومية للإنسان. وهذا العجز يمكن قياسه بنسبة مئوية، وبزمن معين، وبمجال ما، مثلاً: الشخص المقعد لديه عجز 100%، خلال فترة حياته، في مجال رقص التانغو، بالمقابل هو ذاته كأستاذ لغات ليس لديه أي نسبة من العجز، في مجال التعليم، إذا كان المعهد مكيفاً لحركته!
التعريف الثالث: “Handicap” وترجمتها “الإعاقة” والشخص الموصوف هو “معاق” وتشير إلى تفاعل الشخص المصاب مع البيئة المحيطة سواءً الفيزيائية أو الاجتماعية، مثلاً: تأثير القدم المبتورة على إنجاز الأعمال، ضعف البصر الذي منع فتاة من الارتباط العاطفي والزواج، الصمم الذي حدّ من قدرة الشخص على التعلم.
لتوضيح هذه المفاهيم مجتمعة نستخدم المثال التالي: الشخص الذي ولد فاقداً للبصر لديه (اعتلال)، عدم قدرته على قراءة الملصقات الإعلانية هي (عجز)، إذا منع من العمل بسبب مرضه فهذا هو تعريف (الإعاقة)، توفير وسائل تقنية مثل الكتب المطبوعة بلغة البريل أو الكتب الصوتية هي بمثابة التغلب على الإعاقة.
من هذه التعريفات يمكن إدراك أن (الإعاقة) ليست من سمات الشخص، إنما هي وصف للعلاقة بين الشخص وبيئته، ومن هنا برز مصطلح “البيئة المعيقة” التي تعيق الشخص المصاب عن أداء المهام التي يقوم بها الشخص غير المصاب. نَسْب الإعاقة للبيئة بدلاً من نسبها للفرد يعني التركيز على توفير أدوات تقنية مساعدة تعين الأفراد على تجاوز عجزهم، أو السعي لتغيير البيئة المحيطة لتناسب قدرات الشخص المعاق مثل توفير الرامبات أو المنحدرات في المباني، أو القبول بتوظيف أصحاب متلازمة داون بالمهن التي يجيدونها دون تمييز ضدهم.
كلنا معوقين في مرحلة ما!
الإصابة بـ (العجز) أو (الإعاقة) اختبرها كل الناس، فمنهم من كُسرت احدى أطرافه فقام بتجبيرها ولم يستطيع أداء مهامه الاعتيادية كما كان يقوم بها سابقاً .. أي إنسان قد تتغير مقدراته الحسية أو الحركية أو الذهنية في لحظات معينة (مثل فقدان حاسة التذوق والشم عند الإصابة بالكو.ر.و.نا) فيتحول بشكل مؤقت إلى شخص عاجز .. مديركِ في الشغل قد يمنع عنكِ ترقية محتملة خلال فترة الحمل (بسبب عجزكِ عن الدوام) فيتحول المكان الذي تعملين به إلى بيئة معيقة لمقدراتك ومهاراتك.
تجربتك المؤقتة لحالة العجز تساعدك على فهم ظروف من لديه إعاقة دائمة، مع فارق رئيسي بأنك ستعود إلى طموحاتك وإنجازاتك وأحلامك بعد فترة، لكن الشخص الذي أصابته شظية أو فقد أحد حواسه أو أطرافه لن يستطيع ذلك، وسيبقى لديه إحساسه عميق بالعجز والحزن لأن ما خسره لن يعود، وسيعامله المجتمع كأنه شخص أقل وأدنى مرتبة، وستعيقه البيئة المحيطة عن الوصول إلى الخدمات الأساسية، فهل تدرك حجم المعاناة اليومية التي نعيشها كأشخاص لدينا عجز دائم؟