هل في الكون أجمل من الأم؟ وهل يختلف اثنان بأنها أعظم من يضحي ويفني حياته لأجل أولادها، وهي إذا كانت تمثل للشخص العادي دنيا بأكملها فما بالك بالشخص من ذوي الإعاقة، فالأم بالنسبة له جنة وقديسة وكل شيء..
أمي .. التي أحبتني بكل روحها دون شروط هي أول من تقبلت إعاقتي ومنحتني الكثير من الاهتمام والحنان، وأكاد أجزم بأن نجاحي كان بفضل تعبها ودعواتها الممزوجة بالدموع والقهر خوفاً على مستقبل ابنها الذي لا يملك من القوة والجرأة لمواجهة قساوة الحياة. بدأتْ قصتنا منذ ولادتي فبسبب صعوبة الحركة في طفولتي ظل حضنها الدافئ سريري والكرسي المتحرك الذي أتحرك من خلاله، وعندما أكرمني الله بالمشي في سن الخامسة ظلت تساعدني في لبس ثيابي واستحمامي حتى الصف الثامن.
أمي التي تتعامل معي رغم تجاوزي سن الثلاثين على أني طفلها الصغير الذي لا يكبر ويحتاج إلى أمه في أبسط الأمور وأكبرها، لا زالت تعّد لي الطعام وتغسل ثيابي وترتب غرفة نومي وكل ما يتعلق بي، لا أذكر أبداً أنها أبدتْ أي تذمر أو تعب أو ملل من تلك الواجبات التي تقوم بها بمنتهى التفاني، ولا أنكر أبداً أنها أهم أسباب قوتي وتفوقي ووصولي للنجاح.
أمي المرأة الريفية البسيطة التي ليس لديها وقت للراحة أو الجلوس كل همها أن يعيش أبناؤها حياة كريمة على حسابها، كسرها الزمن كثيراً وقسي عليها لكنها لم تنهار..
اليوم ورغم حصولي على شهادة جامعية وبيت ووظيفة لا أنكر أنها هي التي صنعت من إعاقتي معجزة بسبب اصرارها وخوفها عليّ من الزمن القادم، وأعترف بأني لا أستطيع العيش دونها وكل ما أخشاه أن يمر الزمن وتكبر أمي وأعيش حياة بعدها ..
في #عيد_الأم تحية اجلال وإكرام لكل أم ترعى طفلاً من ذوي الإعاقة وتؤمن بقدرته وتعمل بكل طاقتها لتمكينه، ليصبح قادراً على الحياة في هذه الأرض التي لا ترحم الضعفاء، وليمنح الله القوة والقدرة والصبر لقلب كل أم!
كتابة: مياس سلمان