مع أننا أصبحنا في العام 2022 إلا أن بعض المواقف لا تزال تذكرنا كم نحن متأخرون عن حضارة الوقت الراهن، وكم نحتاج من الجهد لتوعية المجتمع بطريقة التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة!
هل نبدأ من شرطي المرور الذي منعني من دخول دمشق القديمة بسيارتي التي تحمل أصلا نمرة الإعاقة أو كما اطلق عليها اسم “نمرة عجزة”، أم بأفكاره الجاهلة التي كانت واضحة بقوله “اذا ما فيكي تمشي ليش جاية ع السوق؟” .. أم من القانون نفسه الذي لم يعطي امتيازات لسيارات ذوي الإعاقة بالمواقف الخاصة وتسهيلات الوصول؟!
وبعد جدال طويل وتدخل عناصر الحرس وبعض الاصرار و“تكبير الراس” من قبلي، تمكنت أخيراً من دخول دمشق القديمة كسائر السيارات التي تحمل مهمة دخول حسب قول الشرطي .. سعيدة بإنجاز حصولي على حق منطقي بسيط، ومعتقدة أنني سأحظى بجولة لطيفة لبقية النهار..
إلا أن اعتقادي المتفائل لم يدم طويلاً..
فعندما توقفت لأخرج هاتفي وألتقط بعض الصور التي كان قد طلبها مني صديقي الايطالي بعد نقاش دار بيننا حول تشارك دمشق وروما للحضارة الرومانية.. وإذ برجل ثلاثيني (أو هذا ما بدا لي عندما رأيت ظهره) يضع 500 ليرة داخل معطفي ويذهب مسرعاً!
أخذ مني الموقف بضع ثوانٍ لاستيعابه.. والكثير من الأفكار التي دارت برأسي عن سذاجة هذا الرجل بعدم ملاحظته على الأقل ملابسي الأنيقة وهاتفي الحديث، بل ولحقيقة أنني غير متسولة أصلاً.. كان لساني قد سبقني بمحاولة مناداته: “هييي أنت شو عم تعمل؟!” مترافقة مع حركة يدي اللاشعورية بحمل النقود الذي وضعها في جيبي ورميها على الارض..
لا أعلم إن رآني هذا الشاب واسترجع نقوده أم لا.. ولا أعلم إذا ما كان عابر السبيل الذي التقط النقود قد أرجعها له أم لا..
ولكني تمنيت أن يرى ردة فعلي كل من كان في ذاك السوق المكتظ.. ليس تباهياً أو من أجل الاطراء بل أملاً ببعضٍ من التوعية.. فمن الصعب حتى بالنسبة لفتاة قوية ومتجاوزة لإعاقتها مثلي التعرض لموقفين متتالين دون الشعور بالأذى!
كتابة: ديمة الحلبي