بعد انقطاعي عن الدراسة لعشر سنوات، والمحاولات الحثيثة من الأهل والأصدقاء بإقناعي للعودة، عدت إلى مقاعد الجامعة، لكن على كرسي متحرك نتيجة عارض صحي أدى لتعطيل الجزء السفلي من جسدي.
أنا أيهم شاب في الخامسة والثلاثين من عمري تعلمت من المرض دروساً كثيرة، ولا أأأأاستطيع أن أحصر كمية الامتحانات التي وضعتها الحياة أمامي ونجحت بها، لكن عند اقتراب موعد امتحانات الكلية، رهبتي كانت تتضاعف من العودة للدراسة والتركيز مع حركتي المحدودة.
تقدمت بطلب للكلية لأحضر الامتحان في الطوابق الأرضيّة. وكان الرد مبهجاً، إذ بعثت لي الإدارة رسالةً شفهيّة مضمونها أنها ملتزمة بتقديم الدعم لمن يعانون أي نوع من أنواع الإعاقة.
يوم الامتحان كنت أبحث عن رقمي الامتحاني بين القوائم، وإذ به في طابق لا تصله المصاعد ويحتاج صعوده لاجتياز درج صعب. تمالكت نفسي، وبمساعدة مجموعة من الطلاب صعدنا إلى القاعة الامتحانيّة.
وبما أن المدرجات والقاعات في هذه البلاد غير مجهزة للمعوقين حركياً، قرروا أن أُقدم الامتحان بجانب الباب، حتى أنني قدمته بوضع قطعة من الكرتون بدلاً عن الطاولة تحت ورقة الإجابة.
تذكرت كلام إدارة الكلية، ومسكت الكرتونة، وعضضت بيدي عليها، وبدأت بالإجابة. إنّ صعوبة تقديم امتحان عند الباب، تشعر الإنسان أنه على حافة النجاح أو على عتبة الخيبة. الكثير من الدراما جعلتني امتنع عن تقديم الامتحانات التي تلت ذلك اليوم.
وبعد عدّة محاولات من أصدقاء ومقربين، ومعاودة زيارة الكلية وتقديم طلب، سُمح لي أخيراً بالتقديم في قاعات الطوابق الأرضيّة.
الآن أقدم امتحانات السنة الأخيرة وسأتخرج قريباً، إلا أنّ عقدة أبواب الكلية ستعيش معي وقتاً طويلاً.