حين نسأل شخصاً من ذوي الإعاقة عن سبب إحباطه واكتئابه، غالباً ما يكون الجواب مرتبط بعدم الإنتاجية أو العمل، أو ندرة الأنشطة التي يمكنه المشاركة بها في المجتمع.
وعندما نغوص أكثر في البحث عن أصل هذه المشاكل وأسبابها، نجد أن الإجابات قد أصبحت متشابهة حد التطابق، حتى بين أصحاب الإعاقات المختلفة، فنجرب الاعتماد على أداة منهجية تسمى “شجرة المشاكل والحلول” (وهي الطريقة التي تبحث في الأسباب والتأثيرات المرتبطة بمشكلة ما، للمساعدة في فهم السياق الذي أدى لحدوثها)، فنجد أن حوالي 70% من تلك المشاكل أوصلتنا إلى جذر مشترك وسبب وحيد وهو “Accessibility أو إمكانية الوصول”.
ماذا تعني إمكانية الوصول؟
أي أن إمكانية الوصول مرتبطة ارتباطا وثيقاً بـ “التصميم العام” أو “تجربة المستخدم” وتعني جعل الأشياء في متناول جميع البشر، سواءٌ بوجود تقنيات مساعدة أو بدونها (مثل المعينات السمعية، الكراسي المتحركة والسيارات المعدلة، الأحرف النافرة، … إلخ).
إمكانية الوصول لها أشكال متعددة، أبرزها “الوصول الفيزيائي”، والذي يعتبر أحد أهم مطالب الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعني إمكانية التنقل والذهاب إلى المدرسة والجامعة والعمل، وكذلك القدرة على المشاركة في أي نشاط اجتماعي أو رياضي أو ترفيهي، ويتطلب ذلك تغيير البنية التحتية والاستثمار في الأبنية والطرقات، مع توفير التجهيزات والتقنيات الداعمة مثل المصعد الكهربائي، المنحدرات، الدرابزين على الأدراج، الفراغات بين الطاولات في المطاعم أو أماكن العمل، وغيرها الكثير..
هناك أشكال أخرى من “الوصول” قد لا ينتبه لها البعض، رغم أنها لا تقل أهمية عما سبق، فهل الكتب والقوانيين مطبوعة بلغة البريل ليستطيع الشخص المكفوف الوصول إلى معلوماتها؟ هل نشرات الأخبار والبيانات الهامة مترجمة إلى لغة الإشارة ليستطيع الأصم الوصول إليها؟ هل توجد مثلاً مواد توعوية حول مخاطر مخلفات الحرب مناسبة للأطفال المصابين بالتوحد؟ هل مواقع الويب والواجهات الإلكترونية مراعية لاحتياجات أصحاب الإعاقات السمعية والبصرية؟
هذه أمثلة بسيطة تكتشف عن جذور مشاكل المعوقين المرتبطة بعدم إمكانية وصولهم إلى الأماكن والخدمات التعليمية أو المهنية، وبالتالي عدم حصولهم على الأدوات والمهارات التي تمكنهم من الانخراط في المجتمع بسهولة.
سنحاول لاحقاً الإضاءة على الأشكال المتعددة لإمكانية الوصول، وكيف يمكن للمجتمع توفيرها بالحد الأدنى ضمن الظروف المتاحة.