يختلف الأشخاص بعقلياتهم عادة ما بين “عقلية الندرة” المرتبطة بالسلبية المحبطة التي لا ترى سوى النصف الفارغ من الكأس، وبين “عقلية الوفرة” التي تستغل الفرص وتتأقلم مع الظروف مهما كان الواقع الذي تعيش فيه.
وأكبر تجلي لهذه الحالات نجده لدى مجتمع المعوقين، فمنهم من يبرر لنفسه ولمن حوله بأن جسده لا يساعده، فتراه يقع في فخ الغيرة والحسد والشعور بالنقص لأنه لا يحصل على ما يملكه الأخرين؛ في حين أن البعض الأخر يستمتع باستغلال الفرص المختلفة، واستكشاف القدرات التي يستطيع جسده الوصول إليها بدلاً من التذمر والشكوى.
العمل هو أحد أهم المجالات التي يستطيع فيها المعوق أن يثبت لنفسه ولغيره ما هي القدرات الحقيقة للإنسان، والذي يساعد على ذلك أن الأعمال في العصر الحديث أعطت فرصة كبيرة لذوي الإعاقة للانخراط فيها، ثم أتت جائحة كور-ونا وغيّرت أنظمة العمل لصالحهم بشكل جذري عما كانت عليه في السابق.
اليوم فرصة الشخص ذوي الإعاقة بالانخراط في الأعمال هي مشابهة تماماً لفرصة الأشخاص الأخرين الجالسين في بيوتهم، وبالتالي فإن عامل الإعاقة تم تحييده ولم يعد يؤثر على المنافسة في سوق العمل، بل باتت الفرص متساوية بشكل كبير أمام الجميع.
أسلوب “العمل عن بعد” لا ينظر إلى إعاقتك أو شكلك أو حتى اسمك ووصفك، ما يهمه فقط هو مهارتك وانتاجيتك، ومدى قدرتك على إنجاز الأعمال ضمن بيئة متسارعة ومتغيرة .. وأحد إيجابيات الجائحة والاغلاق العام أنها نقلت الناس للعمل في بيوتهم، ووفرت عليهم التنقل والذهاب إلى الشركة، واقتصرت احتياجاتهم على جهاز لابتوب والولوج إلى الإنترنت لا أكثر.
المدرب في العمل عبر الانترنت محمد حبش لديه مقولة يستغربها كل من يسمعها منه وهي “معقول الشاشة بتطلع مصاري؟” ولكنها الحقيقة، فهو يعمل منذ عشر سنوات من غرفة منزله في بلدٍ خاض حرباً مدمرة.
مهن العصر الحالي أو مهن العمل الحر Freelance jobs في ازدياد متسارع وأبرزها: صناعة المحتوى للإنترنت، التصميم، البرمجة، الترجمة، التسويق، المحاسبة، المونتاج، تسجيل الصوت، الكتابة والتدقيق اللغوي … والكثير من الأشغال التي يستطيع أي معوق لديه جهاز كمبيوتر وشبكة انترنت أن يقوم بها!
البشر وأجسادهم تتأقلم بشكل مستمر ضمن أي بيئة جديدة ومختلفة، ولكن عقلياتهم وطريقة تعاملهم مع الواقع الجديد هي معيار النجاح أو الفشل، وبالتالي الوصول إلى الراحة أو الاكتئاب .. استغل مهاراتك وابحث عما أنت مبدع فيه، وإذا لم تجد صاحب شركة يؤمن لك الفرصة المراعية لخصوصيتك حاول أن تخلقها بنفسك، المهم أن تبدأ!