مثل أي شاب في عمري، أترقب الأعياد للحصول على “العيدية” وأنا أفكر بالأشياء التي أرغب بشرائها، والأماكن التي سأخرج إليها مع الأصدقاء.

في هذا العيد، زارنا لأول مرة صديق قديم لوالدي، مد يده ليصافحني فأشار له أبي بأنني كفيف البصر، فبادر الضيف بإعطائي عيدية ووضع في يدي 20 ورقة نقدية، عرفت ذلك من صوت عدّها.

شكرت الضيف وجلست معه لنتحدث، وكل ما كان يشغل تفكيري هو مقدار المبلغ الذي أعطاني إياه، فهل الأوراق هي من فئة الـ 5 ألاف أم الألفين أم ماذا؟

مددت يدي أتحسس العلامات البارزة في طرف النقود، فاكتشفت أنها من فئة الـ 5 آلاف، شعرت بالنشوة وبدأت المشاريع والخطط تتطاير في عقلي، لكن سرعان ما تملكني الشك، فقد تكون من فئة الألفين .. المهم ألا تكون من فئة الـ 500 ليرة!

مرت الدقائق ثقيلة وأنا محتار لمعرفة قيمة هذه العيدية الغريبة، انتظرت حتى انشغل الضيف مع والدي بالحديث وانسحبت إلى غرفتي لأستخدم برنامج قارئ العملات على هاتفي وأعرف النتيجة! الحمدلله، يبدو أن عيديتي ممتازة لهذا العام، فاتصلت فوراً بأصدقائي وتواعدنا للخروج إلى أحد الأماكن.

حاولت طلب سيارة أجرة من التطبيقات التي أستخدمها عادة لكن زحمة الأعياد منعتني من ذلك. فأخذت عصاي البيضاء وخرجت إلى الشارع منتظراً، حتى لاحظني أحدهم وساعدني بإيقاف إحدى السيارات.

ركبت التاكسي وأنا أجيب السائق عن أسئلته المعتادة حول سبب خروجي بمفردي وكيف أعيش حياتي، وبقية الأسئلة المتكررة التي أعددت لها أجوبة جاهزة.

وحين وصلنا أخبرني السائق أن الأجرة تبلغ 21 ألف ليرة، فأخرجت 5 أوراق من تلك العيدية وقدمتها له، فسألني مستفسراً: “كيف تميز بين أوراق النقود”، فأجبته: “إما باللمس أو من خلال تطبيق على الموبايل، أو بعرف أديه معي مصاري، وأخر شي بعتمد على الثقة الموجودة بين الناس” فأجابني: “انتبه، في ناس كثير ممكن يستغلوك ..”

أعاد لي السائق ورقتي نقود وأخبرني أنهما من فئة 2000 ليرة، وضعتهما في جيبي ونزلت من السيارة لألتقي بصديقي الذي كان ينتظرني.

وقفنا عند بائع العصير لنشتري منه، وأعطيته النقود التي أعادها لي السائق، فناداني البائع: “معلم هدول ورقتين 500 ليرة بس .. وين باقي الحساب؟!”

نعم هذه ضريبة استخدام أسلوب “الثقة في التعامل” .. وكل عام وأنتم بخير.

تجربة وكتابة: محسن مقلة