أكثر ما يتمناه أي شخص لديه إعاقة هو أن يصبح منتجاً وفاعلاً ومتمكناً اقتصادياً، فلا يظل معتمداً على مساعدة غيره.
لكنه عندما يحاول دخول سوق العمل يُواجه بالرفض في معظم الأحيان؛ عندها يقوم بكتابة سيرة ذاتية ملهمة تبرز مهاراته، ويلجأ إلى ورش العمل والدورات التدريبية على أمل تحسين حظوظه، ومع ذلك يحصل على الرفض نفسه؛ وبعد عدة محاولات يصاب بالاكتئاب ويتحول تدريجياً إلى شخص معزول اجتماعياً، غير متمكن وخارج سوق العمل.
ولكسر هذه الحلقة المفرغة يتطلب الأمر في الحقيقة مبادرة شجاعة من مدراء ورجال أعمال ملهمين، ليوفروا فرص عمل متناسبة مع قدرات المعوقين، ويدركوا أن مساعدة شخص من ذوي الإعاقة هو استثمار مربح في ولاء الموظفين والعاملين، وكذلك في سمعة وصورة المؤسسة.
لا ننكر أن صاحب المال لديه تساؤلات محقة مثل: هل يستطيع الشخص المعوق الالتزام بالدوام والقيام بالمهام المطلوبة على أكمل وجه؟ هل نسبة مرضه أعلى من بقية الموظفين؟ وإذا كانت صحته مستقرة هل يستطيع الوصول في الوقت المناسب في ظل حركة المواصلات التي لا تدعم تنقل المعوق؟ هل تعطل المصعد الكهربائي يعني خسارة يوم عمل؟
هذه المخاوف مشروعة بلا شك، ولكن التجربة تقول أن تمكين أي موظف بشكل متناسب مع إمكانياته والإيمان بقدراته ومهاراته، سيجعل منه طاقة منتجة وفاعلة يمكن الاعتماد عليه والوثوق به في أصعب الظروف.
بالمقابل بحسب التشريعات في سوريا، يستفيد صاحب العمل في القطاع الخاص ممن يشغّل معوقين فوق نسبة 2% من إجمالي عدد موظفيه، من حسم على ضريبة الدخل بمقدار الحد الأدنى للأجور عن كل معوق إضافي، أي يكفي توظيف شخص واحد من ذوي الإعاقة ضمن فريق من 30 موظفاً ليحصل صاحب العمل على حسم ضريبي.
العالم مليء بقصص مؤسسات نجحت بدمج أشخاص من ذوي الإعاقة في فريق عملها، وفي سوريا يوجد عدد قليل جداً من الشركات المجهزة لاستيعاب وتوظيف هؤلاء، وقد حدث أن بادرت إدارة إحدى المطاعم في دمشق إلى تشغيل 8 أشخاص من المصابين بمتلازمة دوان بالتعاون مع جمعية جذور ضمن مبادرة “سوسيت” فكانت النتائج ملهمة، أيضاً هناك تجربة مميزة لمشروع مخيم “عُشرة” الذي عمل على تمكين وتدريب حوالي 20 شخص من ذوي الإعاقة، فأصبحوا فاعلين ومؤسسين لعدة مبادرات إعلامية ومجتمعية.
فإذا كنت صاحب عمل، كن ملهماً لغيرك واقبل بتوظيف شخص من ذوي الإعاقة، آمن به وادعمه وستجد كم هو مخلصٌ لعمله معك.