يسألوني: لماذا لحيتك طويلة؟
أجيبهم بأنني أحبها هكذا، لكن في الحقيقة ليس لدي خيار آخر! فأنا أرغب أن تكون ذقني ناعمة، وأنزعج من الحكة التي يسببها طول اللحية. أتساءل دوماً: ألم يتطور العلم بعد ليخترع مادة تثبّت طول الشعر؟
الحلاقة بالنسبة لأي شخص أخر تعد أمراً بسيطاً قد يشعره بالسعادة. لكنها بالنسبة لي كابوس مرعب وأشبه بعملية جراحية من دون تخدير. فنتيجةً للشلل الدماغي وما يرافقه من رجفة اليدين وتشنج الجسم، تصبح حلاقتي لذقني عملية مستحيلة، وأي حركة لا إرادية سينتج عنها وجه مُشطّب مضرج بالدماء، لذلك أعتمد على غيري لإنجاز المهمة.
أتذكر طفولتي، حين كان تشنجي شديداً ولا يسمح لي بالذهاب لمحلات الحلاقة، فكان أبي هو من يتولى المهمة. كنت أجلس مرتجفاً على كرسي صغير، ويضطر والدي لتثبيت رأسي بين ركبتيه، حتى ينتهي من قص شعري كيفما اتفق دون مراعاة لشكلي. كان الأمر أشبه بعقوبة، أريد التخلص منها بسرعة.
وحين أصبحت في الصف السابع تحسّنت حركتي، فذهبت لحلاق القرية للمرة الأولى. ورغم أني كنت مرتبكاً، لكن ماكينة الحلاقة الكهربائية طمأنتني، ولم أتشنج كما اعتدت بين ركبتي والدي. لا أنسى فرحتي يومها وكأنني حققت إنجازاً مهماً حين انتهت الحلاقة بسرعة وهدوء. ومنذ ذلك اليوم، تخلصت من كابوس حلاقة أبي إلى الأبد!
واظبت بعدها على الحلاقة عند حلاق القرية، حتى اطمأن وصار يستخدم المقص. وحين بدأت لحيتي بالنمو في الصف العاشر، صرت أحلق الذقن وأقص الشعر معاً عند نفس الشخص، لأنني لا أملك خيار تغيير الحلاق بهذه السهولة.
ومع بداية ارتيادي للجامعة، لم يعد مقبولاً أن أستمر بالحلاقة التقليدية. امتلكت الجرأة لأخبر حلاقي أنني أريد حلاقة ذقني بالموس. لم يمانع، لكني لا أنكر تشنجي وقتها، فقد شعرت وكأن موس الحلاقة مثل السكين على رقبتي. لكن مهارة الحلاق وهدوئه جعلتني أخرج من معركة حلاقة الذقن منتصراً دون جروح تُذكر.
لاحقاً، أصبحت حلاقة ذقني بالموس أكثر سلاسة وسهولة، حتى أنني حالياً أذهب إلى ثلاثة حلاقين مختلفين اعتادوا وضعي. ومع أن عمري صار 35 عاماً، ولم تعد الحلاقة مزعجة لي كما كانت، لكن لم يحدث يوماً أن حلقت ذقني بيدي!
كتابة: مياس سلمان