تردّدت د. ح. قبل كتابة هذه الكلمات أدناه، فلطالما دحرج المجتمع كُرسيّها المتحرك نحو الزاوية، وكادت أن تفقدَ الامل به، لولا أنّه “خيارٌ وحيد.. ربما ليس خياراً أصلاً، بل قرار”.
توقفوا عن التظاهر!
تطرح الشابة أسئلة ترتقي لأن تكون عناوين كتب: هل نستمر ونحن ننتظر نهاية رحلة الحياة؟ أم نستمر ونحن نوجّه الرحلة نحو طريق أهدافنا؟ وفي الحالتين ما هو شكل هذا الاستمرار؟
وتضيفُ: كشخص من ذوي الإعاقة الحركية، كثيراً ما يطرح عليّ سؤال “كيف حفزت نفسك حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟” والاجابة عن هذا السؤال تحمل الكثير من التشعبات منها العوامل الداعمة، الظروف غير الملائمة، التطور أو عدم التطور الصحي للإعاقة وغيرها..
إلا أن المحفز الفعلي بالنسبة لي كان بالتوقف عن التظاهر بعدم وجود الاعاقة، بل إدراكها واظهار القوة من خلالها بدلاً من ذلك، فنحن كبشر نتفاعل مع العوامل الخارجية، ونتأثر بها بشدة، بينما ننسى أن ننظر بأعماقنا لندرك ما نملك بداخلها ونفهمها..
معارك مع المحيط
منذ وعيه الأول، تبدأ معارك الشخص ذوي الإعاقة مع محيطه القريب والبعيد، لا يوجد تاريخ يُحدّد نهاية هذه المواجهات شبه اليومية، فمنذ طفولة صاحب الإعاقة يصطدم مع محيط ينفي إعاقته بمقولات ربما “تشجيعية” مثل: (أنت لا تملك إعاقة، ابني سوف يشفى، إعاقتك غير واضحة..)، وكأن النكران يلغي حقيقة كرسي متحرّك استحال مكان أقدامي.
هذه الأفكار تجعل الشخص المعاق رافض لفكرة إعاقته منذ البداية، فينمو وهو حريص على تجاهلها، لا بل يفرض على الاخرين تجاهلها (ظاهرياً) أمامه، على الرغم من أنه يتصادم يومياً بحياته العملية مع إعاقته في كل تفصيل.
وعلى العكس في حال أدرك صاحب الاعاقة إعاقته أولاً، وأظهرها بواقعية وثقة للآخرين ثانياً، فإن ذلك سينعكس بتحرر فعلي على حياته، يلغي نظرة الضعف والعجز الموجود مسبقاً لدى الاخرين، فتقبلنا لأنفسنا وتصالحنا معها هي نقطة التحول للتكيف مع الحياة وتكيّيفها لإرادتنا.
وأخيراً.. لنتذكر معاً أن جميع الاشخاص معرضين لأن يختبروا الألم الجسدي، النفسي، للمرور بأوقات عصيبة، للرفض، للتهميش، تماماً كحال الشخص ذوي الإعاقة، لكن عليك أن تعرف أننا نتأثر بتلك الأوقات الصعبة أضعاف المرات.